في ظل المشهد السياسي المعقد الذي نعيشه اليوم، ليس من الواضح دائمًا ما هو ضمن الحدود المسموح بها وما هو تجاوز للخطوط الحمراء. وفي هذا السياق، تأخذنا التصريحات الأخيرة لصلاح الدين أبو الغالي، عضو القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، إلى قلب قضية مثيرة للقلق. فقد أدلى أبو الغالي باتهامات خطيرة ضد منسقة القيادة فاطمة الزهراء المنصوري، متهماً إياها بالضغط عليه لتقديم استقالته بناءً على تعليمات مزعومة من "جهات عليا"، وهو ما يلمح إلى تدخل القصر الملكي في الشؤون السياسية.
تأثير "الجهات العليا" على السياسة
هذه التصريحات تفتح أبواباً عديدة للتساؤلات حول مدى تأثير ما يسمى بـ "الجهات العليا" أو "ناس لي لفوق" على العملية السياسية في المغرب. إن القضايا التي تُثار تحت مظلة هذه المصطلحات تثير القلق بشأن مدى نزاهة العملية الديمقراطية في البلاد. كيف يمكن للمواطنين أن يثقوا في نزاهة العملية السياسية عندما يكون هناك استغلال محتمل للسلطة الملكية لتلبية مصالح سياسية ضيقة؟ كم من البرلمانيين قد غيّروا ولاءاتهم، وكم من الأحزاب قد غيرت مواقفها تحت وطأة هذه الضغوط؟ وكيف يمكن للأموال والموارد أن تُستخدم لتوجيه الأصوات وتحقيق أهداف سياسية معينة؟
ضرورات الشفافية والمساءلة
إن استخدام "الجهات العليا" كذريعة للتأثير على السياسة يعكس ضبابية كبيرة تضر بنزاهة النظام السياسي. هذا الاستغلال المزعوم للقصر الملكي يضع البلاد في موقف حرج، حيث تتعاظم الحاجة إلى وضع حد لهذه الضبابية وضمان الشفافية في كل ما يتعلق بالعملية السياسية. على المؤسسات المعنية، بما في ذلك حزب الأصالة والمعاصرة ومنسقة القيادة فاطمة الزهراء المنصوري، أن تقدم توضيحات عاجلة ومقنعة للرأي العام. إن هذه الشفافية ليست مجرد مطلب شعبي، بل هي ضرورة لضمان نزاهة الديمقراطية وحماية مؤسسات الدولة من أي تلاعب أو استغلال.
الدرس الذي يجب تعلمه
إن القضية المطروحة تبرهن على أهمية الشفافية والمساءلة في العملية السياسية. القمة السياسية ليست مجرد هدف، بل هي مسؤولية تتطلب الالتزام بالقيم الأساسية للديمقراطية والنزاهة. يجب على جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الأحزاب السياسية والمسؤولين الحكوميين، أن يضعوا نصب أعينهم ضرورة حماية العملية السياسية من أي استغلال أو تأثيرات غير لائقة.
بما أن المغرب يسعى إلى تعزيز قيم الديمقراطية والعدالة، فإن الاستجابة لهذه القضايا بجدية وشفافية تعد خطوة أساسية نحو بناء نظام سياسي قوي ونزيه. فكل خطوة في هذا الاتجاه تعزز من الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم، وتدعم مسيرة الإصلاح والتقدم.