في إطار التحديات المتزايدة التي تهدد القارة الأفريقية بسبب الكوارث الطبيعية، انطلق شبان مغاربة في إنشاء مشروع "إيكو دوم ماروك"، وهو مبادرة مبتكرة تهدف إلى بناء منازل صديقة للبيئة تجمع بين الجمال المعماري المغربي التقليدي والراحة العصرية، مع تكيّفها مع التغيرات المناخية بتكلفة أقل من البناء التقليدي.
منازل تدوم لقرون وتخفض تكاليف البناء
يونس وزري، مهندس مغربي ومؤسس المشروع، أوضح أن الفكرة انطلقت عام 2014 عندما كان وزملاؤه لا يزالون طلاباً في المدرسة الحسنية للأشغال العمومية بالدار البيضاء. وبعد دراسة استمرت سنتين، نجحوا في تأسيس شركتهم عام 2016، التي تخصصت في تشييد منازل باستخدام التربة المحلية، مما يسمح بخفض كبير في تكاليف البناء.
وأشار وزري في حديثه لـ"اندبندنت عربية" إلى نجاح المشروع في بناء منازل صديقة للبيئة في عدد من المناطق المغربية، معتمدين على مواد خام محلية، ما يتيح تحقيق وفورات في التكاليف والحفاظ على الطابع البيئي للمباني.
مقاومة للزلازل والأعاصير
تتميز المنازل التي يبنيها مشروع "إيكو دوم ماروك" بأنها تعتمد على شكل القباب، ما يجعلها أكثر مقاومة للزلازل والأعاصير مقارنة بالمنازل التقليدية. وتساهم التربة المحلية المستخدمة في البناء في توفير عزل طبيعي للصوت والحرارة، حيث تكون المنازل باردة في الصيف ودافئة في الشتاء، مما يقلل من استهلاك الطاقة للتدفئة أو التكييف.
تقليل الانبعاثات الحرارية وتحليل التربة
يساهم مشروع "إيكو دوم ماروك" في الحد من الانبعاثات الحرارية المسببة للاحتباس الحراري بفضل عدم استهلاك الطاقة في البناء أو التشغيل. يقوم الفريق، المكون من 15 شاباً، بإجراء دراسات جيوتقنية على تربة المواقع قبل الشروع في البناء، لتحليل مكوناتها وقياس طاقتها الحرارية الأرضية.
وقد نجح المشروع في تشييد منازل صديقة للبيئة في العديد من المناطق المغربية، بما في ذلك نواحي مدن الخميسات، تيفلت، الرباط، عين عودة، بن سليمان، بن جرير، ونواحي ورزازات.
الحنين للتراث المغربي المعماري
أوضح وزري أن هذا النوع من البناء يعيد إلى الأذهان تقاليد البناء المغربي القديم، حيث كان الأجداد يعتمدون على مواد خام محلية مثل التربة لبناء منازلهم، والتي كانت تتكيف بشكل طبيعي مع المناخ المحلي دون الحاجة إلى استهلاك الطاقة.
وأضاف أن العديد من المغاربة الذين شُيدت لهم هذه المنازل لديهم ارتباط عاطفي بهذا الأسلوب التقليدي، إذ يشعرون بالحنين إلى منازل أجدادهم المبنية بالطين، مما يضفي طابعاً شخصياً وحميماً على هذه المنازل.
توصيات لمكافحة التغيرات المناخية
أظهرت دراسة صادرة عن وزارة السكنى وسياسة المدينة المغربية أن قطاع البناء يسهم بنحو 19% من الانبعاثات الحرارية، ويستهلك 40% من الطاقة. وأوصت الوزارة بضرورة التوفيق بين التحديث والجودة مع مراعاة البعد البيئي والتنمية المستدامة للحد من الانبعاثات الحرارية ومكافحة التغيرات المناخية.
ختاماً، فإن مشروع "إيكو دوم ماروك" يعد نموذجاً يحتذى به في كيفية التوفيق بين الحفاظ على التراث المعماري التقليدي المغربي وتحقيق التنمية المستدامة لمواجهة التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية في أفريقيا.