الجمعة 22 نوفمبر 2024 – 10:00
يشهد البرلمان المغربي جدلاً متزايداً حول تشريع استهلاك القنب الهندي لأغراض ترفيهية، حيث تواصل الديناميات المدنية والحقوقية الملتفة حول مبادرة "نداء من أجل فتح نقاش عمومي حول الاستعمال الترفيهي للقنب الهندي" جهودها لإدخال هذا المطلب ضمن أجندة الأحزاب السياسية. هذه الديناميات سبق لها تنظيم لقاءات مع فرق برلمانية وأحزاب سياسية خلال الأشهر الماضية، أبرزها حزب جبهة القوى الديمقراطية، وتعتزم التواصل مع أحزاب أخرى مثل التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي.
غير أن المواقف داخل البرلمان ليست موحدة، إذ يظهر انقسام بين الفرق النيابية حول القضية. فريق الأصالة والمعاصرة، المنتمي إلى الأغلبية الحكومية، عبّر عن انفتاحه على دراسة التشريع، شريطة توفر دراسات علمية تضمن عدم تأثيره السلبي على الصحة العامة، بينما يعارض حزب العدالة والتنمية، المصطف في المعارضة، هذه الخطوة بشدة، واصفاً إياها بأنها "تشريع للمخدرات".
الأصالة والمعاصرة: "منفتحون على النقاش"
أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أكد أن فريقه مستعد للتعاون مع الجهات المطالبة بتقنين الاستهلاك الترفيهي للقنب الهندي، في حال قدمت هذه الجهات دراسات علمية موثوقة تثبت جدواه من الناحية الاجتماعية والاقتصادية.
وقال التويزي إن تشريع استهلاك القنب الهندي ضمن إطار منظم، مثل تخصيص أماكن مرخصة لهذا الغرض، قد يساهم في تقليل الأضرار المرتبطة بالسوق السوداء ويحاصر شبكات الاتجار غير المشروع. وأضاف: "تجارب دول مثل الولايات المتحدة وهولندا تشير إلى إمكانية تنظيم هذا الاستهلاك بطرق تحمي الصحة العامة وتقلل من الأنشطة الإجرامية المرتبطة بالمخدرات".
وأشار التويزي إلى أن حزبه كان من السباقين إلى الترافع عن تقنين الاستعمالات الطبية والصناعية للقنب الهندي، مؤكداً أن الهدف كان كبح جماح شبكات التهريب وحماية المزارعين الصغار. وخلص إلى أن فريقه منفتح على مناقشة هذه المطالب، شرط توفير دراسات تثبت جدوى هذا التشريع.
العدالة والتنمية: "رفض مطلق للتقنين"
على النقيض، عبّر مصطفى الإبراهيمي، عضو مجموعة العدالة والتنمية، عن معارضة حزبه القاطعة لتشريع الاستهلاك الترفيهي للقنب الهندي. وأكد أن التجارب الدولية التي تتيح استهلاك هذه المادة كشفت عن تداعيات اجتماعية وصحية خطيرة، فضلاً عن أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام استهلاك المخدرات الصلبة.
وأضاف الإبراهيمي أن "الحديث عن فوائد طبية للقنب الهندي غير مدعوم بأبحاث علمية موثوقة، وأن الأغلبية الساحقة من استعمالاته ترتبط بالمخدرات، مما يجعل التشريع خطوة غير مبررة".
كما أشار إلى أن تجارب دول مثل هولندا أثبتت أن تقنين استهلاك القنب الهندي أدى إلى آثار سلبية على الصحة العامة، محذراً من أن تقنين هذه المادة في المغرب سيكبد البلاد تكاليف اجتماعية وصحية باهظة.
وختم الإبراهيمي قائلاً: "القنب الهندي له أضرار جسيمة على صحة الإنسان، ولا يمكن الادعاء بأنه يخلو من المخاطر. نحن بحاجة إلى حماية شبابنا من المخدرات، وليس الترويج لها تحت مسمى التشريع".
مخاوف وتطلعات
بين الانفتاح المشروط والرفض القاطع، يبقى مستقبل النقاش حول تشريع الاستهلاك الترفيهي للقنب الهندي في المغرب غير محسوم. في الوقت الذي يرى فيه البعض أن التشريع يمكن أن يكون أداة لمحاربة السوق السوداء وتعزيز الرقابة الصحية، يحذر آخرون من تأثيراته السلبية على الصحة العامة والنسيج الاجتماعي.
يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن الأحزاب المغربية من الوصول إلى توافق حول هذا الموضوع الحساس، أم سيظل التشريع محل انقسام داخل البرلمان والمجتمع؟