الرباط - الجمعة 22 نونبر 2024
في خطوة تعكس الوعي المتزايد بأهمية حماية التراث الثقافي الوطني، صادق المجلس الحكومي المغربي، أمس الخميس، على مشروع قانون جديد يحمل رقم 33.22، يهدف إلى حماية التراث الثقافي المادي وغير المادي من التهديدات المتزايدة التي تواجهه.
بين التراث والعولمة: تحديات الواقع الراهن
استحضر القانون الجديد، في مذكرته التقديمية، التحديات التي فرضتها العولمة والتوسع العمراني السريع على التراث الثقافي المغربي، مؤكدًا على أن النصوص القانونية الحالية لم تعد كافية لمواجهة هذه التحديات. التراث المغربي، الذي يعد شاهدًا على الحضارة العريقة للمملكة، بات عرضةً لمحاولات استيلاء وتشويه وصلت إلى المنظمات الدولية، حيث حاولت جهات خارجية تسجيل عناصر مغربية أصيلة ضمن لوائحها التراثية.
معايير دولية ومفاهيم جديدة
يتضمن القانون حزمة من التدابير التي تهدف إلى مواءمة الإطار القانوني المغربي مع المعايير الدولية. ومن بين هذه التدابير:
- السجل الوطني لجرد التراث: يشمل جميع أنواع التراث، من غير المنقول إلى الطبيعي والمغمور بالمياه.
- علامة "تراث المغرب": وسام تميز يُمنح للعناصر التراثية المميزة لحمايتها وتعزيز قيمتها.
- الكنوز الإنسانية الحية: مفهوم مبتكر يعترف بالأفراد الحاملين لمعارف ومهارات تقليدية تساهم في استدامة التراث.
لجنة وطنية وقيود صارمة
القانون يقترح إحداث لجنة وطنية للتراث تُعنى بالنظر في طلبات تسجيل العناصر التراثية ومتابعة قضايا الحماية. كما يفرض قيودًا صارمة تمنع أي تعديل أو هدم للعناصر المسجلة، مع فرض عقوبات تصل إلى 5 سنوات سجناً وغرامات مالية تصل إلى نصف مليون درهم للمخالفين.
التراث المغمور: ثروة تحت المياه
نص القانون على حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، مشددًا على أهمية الحفاظ على ما تحويه السواحل المغربية من كنوز تاريخية بسبب موقعها الاستراتيجي ودورها في حركة الملاحة العالمية عبر القرون.
ترخيصات وتدابير إضافية
يشترط القانون الحصول على ترخيص مسبق لتصدير الأعمال الفنية التراثية أو إجراء حفريات بحثية، حفاظًا على قيمة المكتشفات وضمان بقائها جزءًا من الإرث الوطني. كما أقرَّ حق الدولة في ممارسة الشفعة عند بيع أي عنصر تراثي مقيد.
رسالة حضارية للمستقبل
يأتي مشروع هذا القانون ليؤكد أن حماية التراث الثقافي ليست مجرد مسألة قانونية، بل مسؤولية وطنية تمثل صونًا للهوية المغربية أمام رياح العولمة والتحديات الراهنة.
من خلال هذا النص الجديد، يوجه المغرب رسالة واضحة إلى الداخل والخارج مفادها: أن إرثه الحضاري ليس مجرد ماضٍ تليد، بل هو أساس بناء مستقبله وهويته المتفردة.