في تقريرها الأخير، أفادت المندوبية السامية للتخطيط أن قطاع الخدمات التجارية غير المالية في المغرب يشهد توقعات متفائلة للنشاط الإجمالي في الفصل الرابع من سنة 2024. فقد توقّع 48% من مقاولي القطاع زيادة في النشاط، في حين توقّع 29% منهم تراجعًا في الأداء. هذه التوقعات تأتي على خلفية عدة عوامل محورية في تطور هذا القطاع، ما يعكس مرونة القطاع وقدرته على التكيف مع الظروف الاقتصادية المختلفة.
العوامل المحركة للنشاط
من خلال تحليل أكثر تفصيلاً للأنشطة التي تؤثر على هذه التوقعات، أظهرت المندوبية أن الزيادة في النشاط تعود بالأساس إلى مجموعة من القطاعات الفرعية التي من المتوقع أن تشهد أداءً إيجابيًا. من بين هذه الأنشطة التي من المتوقع أن تسجل ارتفاعًا، نجد "النقل البري والنقل عبر الأنابيب" و"التخزين والخدمات الملحقة بالنقل". كما تتوقع المندوبية أن تساهم "الأنشطة المعمارية والهندسة" و"أنشطة المراقبة والتحاليل التقنية" في دعم نمو القطاع.
ومقابل هذه الأنشطة الإيجابية، تُظهر التوقعات انخفاضًا في بعض الأنشطة الأخرى مثل "النقل الجوي" و"أنشطة التأجير والاستئجار". حيث من المتوقع أن يظل هذا القطاع يعاني من التحديات التي قد تؤثر على أدائه في الفصل الرابع من 2024، وذلك في ظل تغيرات في الطلب على هذه الخدمات وارتفاع تكاليف التشغيل.
استقرار الطلب وعدد المشتغلين
من ناحية الطلب، أظهرت النتائج أن 58% من أرباب المقاولات يتوقعون استقرار الطلب في القطاع خلال الفترة المقبلة. هذا الاستقرار في الطلب يُعد مؤشرًا إيجابيًا على استقرار السوق ووجود توازن نسبي بين العرض والطلب، رغم التحديات الاقتصادية.
كما تشير التوقعات إلى استقرار في عدد المشتغلين في القطاع، حيث يتوقع 66% من المقاولين استقرارًا في أعداد العمال. هذا يعكس نوعًا من الاستقرار في القوة العاملة رغم تقلبات النشاط. ويُظهر أن قطاع الخدمات التجارية غير المالية في المغرب يشهد حالة من الاستقرار في ظل تنوع الأنشطة والمجالات التي يغطيها.
الأداء في الفصل الثالث من 2024
أما في الفصل الثالث من سنة 2024، فقد أظهرت البيانات أن النشاط الإجمالي لقطاع الخدمات التجارية غير المالية شهد ارتفاعًا حسب 72% من المقاولين، في حين سجل 12% منهم تراجعًا في الأداء. هذا التطور الإيجابي يعكس نجاح بعض الأنشطة في مواجهة التحديات الاقتصادية التي شهدها العام 2024.
وتعزى هذه النتائج الإيجابية إلى الزيادة الملحوظة في أنشطة "الاتصالات" و"الإيواء والمطاعم" و"النقل الجوي" و"التخزين والخدمات الملحقة بالنقل". في حين شهدت بعض القطاعات الأخرى تراجعًا، مثل "الإشهار ودراسات السوق" و"خدمات البريد"، وهو ما يعكس تأثير التقلبات الاقتصادية على بعض الأنشطة التي قد تتأثر بشكل أكبر بالظروف الاقتصادية.
قدرة الإنتاج واستقرار دفاتر الطلب
من ناحية قدرة الإنتاج المستعملة، توقعت المندوبية أن تظل عند نسبة 77%، ما يشير إلى أن المقاولات في هذا القطاع ستواصل الاستفادة من الطاقة الإنتاجية المتاحة بشكل جيد. هذا الاستقرار في القدرة الإنتاجية يعني أن القطاع قادر على تلبية احتياجات السوق بشكل مناسب دون أن يعاني من نقص في العرض.
وبخصوص مستوى دفاتر الطلب، فقد اعتبر 16% من المقاولين أن مستوى الطلب هو "عادي"، في حين وصفه 26% بأنه "أكثر من عادي"، مما يعكس حالة تفاؤل بين المقاولين بخصوص الطلب على خدمات القطاع. وتشير هذه النتائج إلى أن القطاع لا يعاني من نقص في الطلب، بل إن هناك طلبًا يفوق التوقعات في بعض المجالات، مما يعزز الثقة في المستقبل القريب.
التوقعات بشأن عدد المشتغلين
فيما يخص عدد المشتغلين في القطاع، توقّع 44% من المقاولين زيادة في أعداد العمال خلال الفترة المقبلة، مما يعكس استعداد المقاولات لتوسيع أنشطتها واستيعاب المزيد من العاملين. من جهة أخرى، توقّع 18% من المقاولين انخفاضًا في عدد المشتغلين، وهو ما يمكن أن يكون نتيجة لانخفاض النشاط في بعض المجالات المتأثرة بتقلبات السوق.
بناءً على ما سبق، يمكن استنتاج أن قطاع الخدمات التجارية غير المالية في المغرب سيستمر في التحسن خلال الفصل الرابع من 2024، مدعومًا بنمو ملحوظ في بعض الأنشطة مثل النقل البري والتخزين والأنشطة المعمارية، بينما قد تشهد قطاعات أخرى مثل النقل الجوي والتأجير انخفاضًا طفيفًا. ومع استقرار الطلب وعدد المشتغلين، فإن التوقعات تشير إلى أن القطاع سيظل يشهد نوعًا من الاستقرار والتوازن في المستقبل القريب.