رضوان الغزاوي ------ الاثنين 10 مارس 2025
ملخص تعد الدبلوماسية الدينية أحد أبرز الأدوات التي توظفها الدول لتعزيز حضورها الدولي وتقوية علاقاتها الثنائية، مستندةً إلى القيم الروحية والموروث الديني. في هذا السياق، تبرز الدبلوماسية الدينية المغربية كنموذج متكامل يجمع بين الشرعية الدينية، الإرث التاريخي، والاستراتيجيات الحديثة. يستند هذا النموذج إلى إمارة المؤمنين، المذهب المالكي، والعقيدة الأشعرية، مما يمنحه تأثيرًا واسعًا في إفريقيا وأوروبا. يسعى هذا المقال إلى تحليل مرتكزات الدبلوماسية الدينية المغربية، مؤسساتها الفاعلة، وتأثيرها على العلاقات الدولية، مع تسليط الضوء على العائدات السياسية والاقتصادية التي تحققها.
لا يخفى على الجميع ان الدبلوماسية الدينية تحتل مكانة بارزة في السياسة الخارجية المغربية، حيث تستند إلى الشرعية الدينية لإمارة المؤمنين، والمذهب المالكي الوسطي، والتصوف السني، مما يُكسبها طابعًا متميزًا عن غيرها من التجارب. وقد استطاعت المملكة توظيف هذا البعد الديني في سياستها الخارجية لتعزيز مكانتها كمرجعية روحية إقليمية ودولية، خاصة في إفريقيا، حيث يرتبط العديد من الدول بروابط دينية وتاريخية مع المغرب.
1 : الإطار النظري والتاريخي للدبلوماسية الدينية المغربية
تقوم الدبلوماسية الدينية المغربية على أسس دينية وتشريعية متينة، حيث تعد إمارة المؤمنين الإطار الشرعي الأعلى الذي يضفي المصداقية على مختلف المبادرات الدينية داخل المغرب وخارجه. بالإضافة إلى ذلك، لعب المغرب تاريخيًا دورًا مركزيًا في نشر الإسلام المالكي في إفريقيا والأندلس، من خلال العلماء والزوايا الصوفية. وقد ساهمت هذه المرجعية في تعزيز مكانة المغرب كمركز للوسطية والتسامح، مما جعله شريكًا موثوقًا في التعاون الديني.
:2مؤسسات الدبلوماسية الدينية المغربية واستراتيجياتها
تتعدد الفاعلون في الدبلوماسية الدينية المغربية، ويأتي في مقدمتهم:
• إمارة المؤمنين: تشرف على السياسات الدينية داخليًا وخارجيًا، من خلال توجيه الحقل الديني وتأطير الجاليات المغربية في أوروبا.
• مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة: تلعب دورًا مهمًا في تعزيز التعاون الديني مع الدول الإفريقية، عبر تأهيل الأئمة ونشر الإسلام الوسطي المالكي.
• معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات: يهدف إلى تكوين أئمة ودعاة من إفريقيا وأوروبا وفق المرجعية الدينية المغربية.
• الطرق الصوفية والزوايا: تشكل إحدى أدوات التأثير الديني الناعم، خاصة في إفريقيا، حيث تحظى الطرق المغربية مثل التيجانية والقادرية والوزنية بامتداد واسع.
:3تأثير الدبلوماسية الدينية على العلاقات الدولية
ساهمت الدبلوماسية الدينية المغربية في تعزيز العلاقات مع كلٍّ من الدول الإسلامية والغربية:
• مع الدول الإفريقية: نجح المغرب في توظيف علاقاته الروحية لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي مع دول مثل مالي، السنغال، ونيجيريا.
• مع الدول الغربية: لعبت الدبلوماسية الدينية دورًا في تعزيز التعاون مع أوروبا لمكافحة التطرف الديني وتأطير الجاليات المسلمة وفق قيم الاعتدال.
• مع الفاتيكان: عزز المغرب من مكانته كجسر للحوار بين الأديان من خلال استقبال البابا فرنسيس عام 2019.
:4 العائدات السياسية والاقتصادية للدبلوماسية الدينية
أثبتت الدبلوماسية الدينية فعاليتها في تحقيق مجموعة من العائدات للمغرب:
• العائدات السياسية: دعم القضية الوطنية وتعزيز الوحدة الترابية من خلال نشر الرواية المغربية حول الصحراء في الأوساط الدينية الدولية.
• العائدات الاقتصادية: توسيع الاستثمارات المغربية في إفريقيا، وتعزيز قطاع السياحة الدينية، وتنشيط تجارة المنتجات الدينية والثقافية.
تشكل الدبلوماسية الدينية ركيزة أساسية في السياسة الخارجية المغربية، حيث تجمع بين البعد الروحي والتوجه الاستراتيجي. وقد مكّنت هذه الدبلوماسية المغرب من توسيع نفوذه الإقليمي، وتعزيز الاستقرار في الدول الإفريقية، والمساهمة في جهود مكافحة التطرف. ومع تزايد التحديات الجيوسياسية، تبقى الدبلوماسية الدينية أداة حيوية لتعزيز الدور المغربي على الساحة الدولية.
هدا بالإضافة الى ان الدبلوماسية الدينية المغربية تُشكل أحد أبرز مكونات السياسة الخارجية للمملكة، حيث تعتمد على مرجعية إمارة المؤمنين والمذهب السني المالكي الأشعري في تعزيز حضورها الإقليمي والدولي. وقد أثبت المغرب، من خلال استراتيجياته الدينية، قدرته على تحقيق توازن دقيق بين الأبعاد الروحية، السياسية، والاقتصادية، مما جعله فاعلًا رئيسيًا في المشهد الديني والدبلوماسي، خصوصًا في القارة الإفريقية وأوروبا.
خلص البحث الذي أنجزه طلاب سلك الماستر في العلاقات الدولية والدبلوماسية والرقمنة بجامعة عبد المالك السعدي إلى أن الدبلوماسية الدينية المغربية لا تعمل بمعزل عن باقي الأدوات الدبلوماسية، بل تتكامل مع المصالح السياسية والاقتصادية لتعزيز التعاون الدولي، وتنشيط العلاقات الاقتصادية، ودعم القضية الوطنية. كما أنها تلعب دورًا محوريًا في تعزيز الأمن الروحي والحد من انتشار التطرف، مما يؤكد أن البعد الديني لم يكن مجرد أداة ثقافية، بل استراتيجية فعالة لتوسيع النفوذ المغربي على المستويين الإقليمي والدولي